في ظل تسارع وتيرة الحياة داخل الأوساط الأكاديمية وزيادة التحديات التي تواجه مؤسسات التعليم العالي، يبرز كتاب “الأستاذ البطيء: تحدي ثقافة السرعة في الأكاديمية” للمؤلفتين ماجي بيرغ وباربرا ك. سيبر، كدعوة ملحّة لإعادة التفكير في أساليب العمل الجامعي. الكتاب لا ينتمي فقط للنطاق الغربي، بل يزود القارئ العربي برؤية عميقة حول الآثار السلبية للتركيز على السرعة في قطاع التعليم العالي، خاصة في جامعاتنا العربية.
صراع السرعة والتعمق داخل الجامعات
يؤكد الكتاب أن التركيز على السرعة ليس أداة للتقدم الفعلي، بل على العكس، يؤدي إلى تآكل جوهر التعليم الذي يعتمد على العمق والمراجعة. في العالم العربي، تعاني الجامعات من انغماس مفرط في سباق التصنيفات العالمية عبر معايير تعتمد بشكل كبير على الأرقام والنسب دون النظر إلى الجودة. تحول أساتذة الجامعات في كثير من الأحيان إلى آلات إنتاج أبحاث بهدف تحقيق المستهدفات المؤسسية، ما يصرف الانتباه عن دورهم الأساسي في التعليم والتأثير الفكري.
التعليم الجامعي بوصفه تجربة إنسانية
تناشد الكاتبتان المؤسسات التعليمية بإعادة النظر في التعليم كعملية إنسانية تقوم على التفاعل، وليس مجرد نقل المعلومات. لكن الواقع الأكاديمي العربي يعاني من ازدحام القاعات، وضغط المقررات، مما يقلل من فرص الأساتذة لتطبيق منهجيات تدريس إبداعية. تُظهر الفلسفة “البطيئة” أن العملية التعليمية ليست إنجازًا سريعًا، بل رحلة معرفية تحتاج إلى تجديد مستمر ووقت لزرع الإبداع والتفكير النقدي لدى الطلاب.