أسعار البنزين في مصر: لماذا ترتفع رغم انخفاض النفط عالميًا؟

قررت الحكومة المصرية زيادة أسعار البنزين والوقود، رغم انخفاض أسعار النفط عالميًا. هذه الخطوة قد تبدو متناقضة، إلا أن الخبراء أشاروا إلى أن تسعير الوقود يعتمد على عوامل متعددة، منها التكلفة المحلية وسعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري. في هذا السياق، تواجه مصر تحديًا اقتصاديًا لتحقيق التوازن بين دعم المواطن والحد من أعباء الميزانية العامة.

أسباب زيادة أسعار الوقود في مصر

رغم التراجع في أسعار النفط عالمياً بنسبة 15%، إلا أن مصر تواجه تحديات داخلية فيما يتعلق بإنتاج واستهلاك المواد البترولية. وفقًا لنائب رئيس هيئة البترول الأسبق مدحت يوسف، فإن تكلفة إنتاج الوقود محليًا تتجاوز أسعار البيع، ما يدفع الحكومة إلى رفع الأسعار تدريجيًا للوصول إلى السعر الحقيقي للإنتاج.

سياسة خفض الدعم وتأثيرها على الميزانية

تستمر الحكومة في تقليص مخصصات دعم الوقود ضمن خطتها لترشيد الإنفاق، حيث أقرت الموازنة العامة لعام 2025 تقليص الدعم بنسبة تفوق 50%. وخفض هذا الدعم أسهم بشكل كبير في تقليل العجز بالموازنة، إذ انخفضت فاتورة دعم الوقود من 154.5 مليار جنيه في بداية العام المالي إلى 87.6 مليار جنيه بنهاية 2024.

كيف يتم تسعير الوقود في مصر؟

عبر آلية التسعير التلقائي، تقوم لجنة متخصصة من وزارتي البترول والمالية بمراجعة أسعار الوقود كل ثلاثة أشهر. يعتمد التسعير على معادلة تأخذ بعين الاعتبار تكلفة الإنتاج محليًا، وأسعار النفط عالميًا، وسعر صرف الدولار. الهدف الأساسي هو تقليل الفجوة بين التكلفة والأسعار لضمان استمرارية توفير الوقود دون تحميل الدولة أعباء إضافية.

دعم المنتجات البترولية وواقع الاستيراد

بالرغم من الزيادات الأخيرة في الأسعار، أكدت وزارة البترول أن الدولة لا تزال تتحمل جزءًا كبيرًا من التكلفة لتخفيف العبء على المواطنين. يُوجه الدعم بشكل رئيسي للسولار والبوتاجاز وبنزين 80، حيث تتحمل الدولة تكلفة يومية تقدر بـ366 مليون جنيه. كما أن مصر تستورد نحو 40% من احتياجاتها من السولار و50% من البوتاجاز، ما يزيد من تكاليف الإنتاج المحلي.

تظل قضية رفع أسعار الوقود تعكس سعي الحكومة المصرية لتحقيق توازن صعب بين تقليل الأعباء المالية ودعم الفئات الأكثر احتياجًا، وسط تحديات اقتصادية وجيوسياسية متزايدة.

close